يعد الأسلوب أساس التميّز بين النصوص؛ لأنه يمثل بصمة صاحب النص، بل هو ما يقدم صورة في تميّز النص وتفرده واختلافه، كما يرتبط الأسلوب من جهة أخرى بالمبدع؛ إذ يجعلنا نتعرف عليه حتى قيل "إنّ الأسلوب هو الرجل".
فالكشف عن الأسلوب هو كشف عن صاحب النص وطبيعة التشكيل الإبداعي لنصه، ومن أجل دراسة هذا التفرد النصي والتميّز الأسلوبي اخترت الأسلوبية عنوانا ومنهجا لهذه الدراسة.
ومن أجل التعرف أكثر على هذا المنهج وأهم مبادئه وخطواته الإجرائية اخترت دراسة ديوان (حوارية الجميّز والحجارة) للشاعر الفلسطيني هشام عودة؛ لأنَّ تجربته تمثل النضال والصمود، وبرهن من خلال شعره أن كل مأساة مرت على وطننا الغالي كانت تزيد الشعب قوة وإصراراً... كذلك لقلة الدراسات التي تناولت شعره مع العلم أنه شاعر يمتلك القدرة والتميز، ولعل هذا الأمر يعود لعدم انتشار شعره في الأرض المحتلة، مع العلم أنه معروف في العراق أرض الشعر والشعراء وكذلك في الأردن حيث يقيم الآن.
وقد اعتمدت في دراستي هذه على جانبين: جانب نظري تناولت فيه حياة الشاعر هشام عودة من حيث الأصل والنشأة، والعوامل التي أسهمت في بناء شخصيته، وآراء النقاد فيه، وقد جاء هذا في الفصل الأول.أما الفصل الثاني: فقد تناولت الأسلوبية من حيث مفهومها ودلالتها، وكذلك تحدثت عن الأسلوبية في الموروث النقدي. وفي الفصل الثالث كان الجانب التطبيقي؛ إذ اعتمدت فيه على المنهج الأسلوبي الذي يتخذ من اللغة أساساً للدراسة الفنية، على اعتبار اللغة هي الأداة التي يستخدمها المبدع في تشكيل مادته الفنية، فتتبعت الظواهر اللغوية المميزة التي ألح عليها في ديوانه، وتناولت أربع قصائد من الديوان بالتحليل على مستويات اللغة، البنية الإيقاعية، الصورة الشعرية، الحقول الدلالية.
