الخريجة حسناء عمر.. قصة تحد وإصرار على النجاح


نشر بتاريخ: 22-06-2022

 
ثمة قصص وحكايات تستحق أن تروى رغم أن أصحابها ليسوا من المشاهير أو النجوم، بل أُناس عاديون يواصلون حياتهم بشجاعة وجرأة وتصميم على مواجهة الصعاب. الطالبة الخريجة حسناء عمر عبد الله عمر قصة تحد وإصرار على النجاح والتفوق، بقوة الإيمان والإرادة، وبروح تحد لا تقيدها حدود.
 تصر الطالبة الخريجة حسناء من مدينة طولكرم، على تحدي إعاقتها البصرية ولكنها لم ولن تحول، كما تقول، دون تحقيق حلمها بالتفوق والنجاح في حياتها العلمية والشخصية، فقد رافقتها الصعاب منذ ولادتها بعد 18 عاماً من زواج والديها من خلال عملية زراعة، وبعد وفاة أخوين لها أثناء الولادة معها، ومجيء أخوين توأمين بعملية زراعة أخرى بعدها. من هنا كانت بداية التحدي ومواجهة الصعوبات بكل إصرار وأمل.
 
الإرادة والأمل  
على الرغم من الصدمة القاسية التي لازمتها من فقدان بصرها وآثاره التي تداهم حياتها، فإنها سرعان ما استعادت زمام القوة،  لتصر على مواصلة مشوار حياتها وكسر الحواجز، فتغادر منزلها في ضاحية شويكة شمال مدينة طولكرم كل يوم دون خوف أو خجل، لتنتظم على مقاعد الدراسة بفرع جامعة القدس المفتوحة في فرع طولكرم، في كلية التنمية الاجتماعية والأسرية- تخصص "خدمة اجتماعية"، التي تعدّ جامعة القدس المفتوحة -كما تقول- "بيتي الثاني بعدما وفرت لي الأمل في التعليم والإرادة والعزيمة ورفع للمعنويات، بالإضافة إلى التسهيلات اللوجستية التي وفرتها لي الجامعة، والأهم كمية الدعم والحب والرعاية كأي طالبة، وليس بنظرة العطف التي أرفضها وأطالب المجتمع بالتخلي عنها للتعامل مع الشريحة التي أنتمي إليها، لأن كل التجارب تؤكد أن الإعاقة لا تلغي الطاقة، وأن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يمتلكون مواهب وقدرات وإمكانات يعجز عنها الأشخاص العاديون". وبذلك تتحدى حسناء عمر ابنة الـ (18 عاماً) ظروف إعاقتها وتثبت أنها قادرة على التغيير والإبداع والتميز، وأن الإعاقة لا تحول بين الإنسان والتأثير الإيجابي ما دام يتمتع بالعزيمة والإرادة. 
 حسناء الموهوبة  
قُدر لحسناء أن تحقق أملها بزيارة كردستان العراق، بعد رسالة مصورة لها وجهتها عبر قناتها على "يوتيوب" إلى الرئيس برزاني، وهو حلم طالما حلمت به، فهو يمثل رغبة لها منذ نعومة أظفارها، ووصلت رسالتها إلى مدير مكتب التشريفات للرئيس برزاني، فدعاها عبر القنوات الرسمية لزيارة كردستان ليكون لها ما أرادت، وحظيت حسناء باستقبال رسمي وشعبي من قبل مدير مكتب الرئيس برزاني، والسفير الفلسطيني هناك، بالإضافة إلى المثقفين والفنانين والشعب الكردستاني، كما اهتمت وسائل الإعلام والفضائيات الكردستانية اهتماماً كبيراً بحسناء، نظراً لمواهبها وقدراتها العالية، فهي تتقن اللغة الكردستانية بطلاقة وتجيد الغناء باللغة نفسها، الأمر الذي جعل بعض الفنانين هناك الالتقاء بها والغناء معها كنوع من الدعم.
 لم تتوقف مواهب حسناء عند إتقان اللغة الكردستانية والغناء بها، فهي تجيد أيضاً اللغتين الألمانية والإنجليزية بطلاقة، إضافة إلى إجادتها اللغات التركية والسويدية والعبرية بشكل متوسط. 
 مع ما تقدم، تحرص حسناء على تأدية الصلاة في مواعيدها، وتواظب على قراءة القرآن الكريم الذي حفظت منه سبعة أجزاء مع مهارة التجويد، وتعمل على تطوير مواهبها، فهي تحب العزف وتجيده على العود والبيانو، وستستمر في تنمية مواهبها المتعددة بكل عزيمة وإصرار وتحد.
 
 
 
 
الطريق نحو الحلم 
 
كانت فرحة حسناء كبيرة منذ اللحظة الأولى التي تمكنت فيها من استكمال دراستها الجامعية في جامعة القدس المفتوحة، وتقول: "شطبت من حياتي وعقلي كلمات إعاقة ويأس ومعاناة، وقررت أن تكون لي شخصيتي من خلال الدراسة وتأسيس مستقبلي، فأريد أن أكون مبدعة في حياتي دون قيود، ففقدان البصر لن يقيد حريتي وآمالي في أن أصبح إنسانة متعلمة قادرة على أن تبني نفسها وتسهم في مجتمعها وتشارك في مساعدة أسرتها، فأسرتي دفعت ثمناً قاسياً، ولهم حق كبير علي لأساعدهم. وسأستمر في العمل على تنمية مواهبي من الغناء والعزف وإتقان اللغات". 
وتشعر حسناء بفخر ومحبة كبيرة لأسرتها الثانية في جامعة القدس المفتوحة التي منحتها لقب "سفيرة النوايا الحسنة في الجامعة"، وتقول: "رغم خوفي الشديد بداية التحاقي بالجامعة، لكن سرعان ما اكتشفت مدى حبهم ووفائهم من مدير الفرع حتى أصغر موظف فيه، بالإضافة إلى الطلبة. فإدارة الجامعة غيرت في ترتيب القاعات والصفوف من أجل راحتي وتنقلي بيسر، وأعضاء هيئة التدريس قدموا لي كل مساعدة. وكل ذلك شجعني ورفع معنوياتي وزاد من إصراري على تحقيق النجاح.