توضيح من كلية العلوم الإدارية والاقتصادية بخصوص تخصص الإدارة الصحية


نشر بتاريخ: 22-09-2019

 "قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ" صدق الله العظيم

 

تؤمن جامعة القدس المفتوحة بحق كل فلسطيني في التعلم بغض النظر عن إمكاناته وظروفه وقدراته، لذلك كانت مبادرة ورائدة للتعليم المفتوح في الوطن وداعمة لحق التعلم والتعليم للجميع. وتؤمن أيضاً بحق كل فلسطيني في الحرية والعدالة والعيش بكرامة، وهذا يتضمن الحق في عمل مقنع ومتناسب مع كفايات وإمكانات الشخص بعائد يتناسب مع تكاليف الحياة وغلائها. لكن الجامعة وعلى الرغم من عملها الدؤوب لتذليل الصعاب أمام طلبتها ومساعدتهم بكل السبل للحصول على عمل مناسب إلا أنها تظل جهة تعليمية وليست تشغيلية ولا يمكنها حل مشاكل الوطن والمواطنين التي تحتاج إلى خطط استراتيجية وسياسات جبارة وعلى المستوى الكلي.

وبعد،

نشأ تخصص الإدارة الصحية بناء على اتفاقية تعاون مشترك تمت في آذار 2010 ما بين وزارة الصحة الفلسطينية وجامعة القدس المفتوحة بهدف تأهيل موظفي وزارة الصحة وبناء قدراتهم في المجالات الإدارية المرتبطة بالعمل الصحي في المؤسسات الصحية. كان وقع الاتفاقية وزير الصحة آنذاك د. فتحي أبو مغلي، ورئيس جامعة القدس المفتوحة أ. د. يونس عمرو. وقدمت الجامعة ملفاً متكاملاً لهيئة الاعتماد والجودة في وزارة التعليم العالي، وحصلت فعلاً على الاعتمادات والتراخيص اللازمة، وباشرت في تدريس التخصص الذي كان محصوراً بفروع غزة، وفروع: الخليل، ورام الله والبيرة، ونابلس فقط في الضفة، وكان مقتصراً على الموظفين والمتطوعين في المؤسسات الصحية الحكومية وغير الحكومية. وبالتالي، أي كلام يشكك باعتراف وزارة التعليم العالي أو وزارة الصحة بهذا التخصص مرفوض جملة وتفصيلاً وجانب الحقيقة. فكل الخريجين تمت مصادقة شهاداتهم من التعليم العالي ومن الوزارات ذات العلاقة، وبعضهم استكمل ويستكمل الآن دراساته العليا في الوطن وخارجه. وكيف لوزارة مثل وزارة الصحة أن تتنكر لتخصص هي أصلاً شريك في بنائه وإنشائه في الوطن وتشغل خريجيه في مرافقها؟! ولاحقاً، مارس الطلبة ضغوطاً كبيرة على الجامعة ووزارة التعليم العالي أفضت إلى توسيع تدريس التخصص بكل فروع الجامعة، وكان ذلك ابتداء من الفصل الأول من العام الدراسي (2014/2015). وقد خرّجت الجامعة الكثير من الطلبة من هذا التخصص، وفّق بعضهم بالحصول على عمل يتناسب مع شهاداته ومؤهلاته، ولم يوفق البعض الآخر، لكنهم بالمحصلة كسائر الخريجين من كل جامعات الوطن. وبمتابعة الإعلانات الخاصة بالعمل في المؤسسات الصحية، يمكن القول إن معظم الوظائف التي طلبت من خلال وزارة الصحة والمؤسسات الصحية المختلفة هي من الوظائف الطبية والفنية المحضة من أطباء وممرضين وفنيي مختبر وأشعة، في حين أن إعلانات محدودة جداً طلبت موظفين إداريين، وشرط الشهادة كان حصول الطالب على بكالوريوس بالعلوم الإدارية التي تتضمن تخصص الإدارة الصحية، وهذا يدحض أي ادعاء بعدم طلب التخصص من المؤسسات ذات العلاقة.

إن المتمعن في الحال الفلسطيني يدرك وبشكل يقيني أن البطالة ومحدودية فرص التوظيف تعد مشكلة متفاقمة، وهي عامة وليست خاصة، ومرتبطة بكل التخصصات لا سيما العلوم التربوية والإدارية والاجتماعية وغير مرتبطة حصراً بالإدارة الصحية. وتشير التقارير الرسمية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى ارتفاع معدل البطالة في فلسطين في العام 2018 ليصل إلى حوالي (31%) من بين الأفراد المشاركين في القوى العاملة مقارنة مع حوالي (28%) في 2017، وقد احتلت محافظتا جنين وبيت لحم في الضفة الغربية أعلى معدل للبطالة بنحو (21%)، تلتها محافظة الخليل (20%)، بينما كان أدنى معدل للبطالة في الضفة الغربية في محافظة قلقيلية بنحو (7%) ثم محافظة القدس (11%). أما في قطاع غزة، فاحتلت محافظة خانيونس المعدل الأعلى للبطالة بمعدل (58%)، ثم محافظة دير البلح (57%)، بينما كان أدنى معدل للبطالة في محافظة غزة بمعدل (48.0%). وتشير الإحصاءات أيضاً إلى أن الشباب (19-29 سنة) هم الأكثر معاناة من البطالة، حيث بلغ معدل البطالة بينهم حوالي 44% (27% في الضفة الغربية و69% في قطاع غزة)، كما أن الشباب الخريجين الذين لديهم مؤهل علمي دبلوم متوسط فأعلى هم الأكثر معاناة من البطالة، فقد بلغ معدل البطالة بينهم 58% (40% في الضفة الغربية و78% في قطاع غزة).  كما سجل الخريجون الشباب الحاصلون على دبلوم متوسط فأعلى في تخصص "العلوم التربوية وإعداد المعلمين" أعلى معدلات بطالة بنحو (76%) من الخريجين المشاركين في القوى العاملة، يليه المتخصصون في الصحافة والإعلام (69%)، في حين سجل المتخصصون في القانون أدنى معدل للبطالة بنحو (29%) من خريجي القانون المشاركين في القوى العاملة. 

 إذا كانت التقارير الرسمية تشير إلى أن أقل معدل بطالة بين الخريجين كان (29%) بمعنى أن واحداً من ثلاثة تقريباً لا يعمل في تخصصه، وهذا الأفضل حالاً، وأن خريجي العلوم الإدارية يعتبرون محظوظين لعدم ذكرهم ضمن التخصصات الأكثر بطالة، فكيف -بالله عليكم- تعتبرون قضية الإدارة الصحية قضية خاصة؟! المشكلة الحقيقية يا سادة تتلخص بعدم وجود خطط استراتيجية حكومية فاعلة لاستيعاب وتشغيل مئات آلاف الخريجين العاطلين عن العمل من كل التخصصات ومن كل الجامعات الوطنية والخارجية، وليس لجامعة القدس المفتوحة أو غيرها قدرة على حلها. مع ذلك، فالجامعة ملتزمة دائماً بمساندة الطلبة، وهي تعمل بشكل دائم لزيادة فرص عمل الخريجين، حيث عقدت اجتماعات عدة مع مسؤولين بمستويات رفيعة وأصحاب قرار في وزارة الصحة والتعليم وديوان الخدمة المدنية وكثير من المؤسسات الأخرى ذات العلاقة، ومارست ضغوطاً عالية حيثما أمكن من خلال كل مستوياتها الإدارية والأكاديمية، وعلى رأسها رئيس الجامعة الذي لم يأل جهداً إلا واستنفده بهذا الصدد. كذلك، فإن الجامعة بكل دوائرها وهيئاتها تقف كتفاً بكتف مع طلبتها وخصوصاً طلبة الإدارة الصحية، وتساندهم بكل مطالبهم العادلة، وتدعمهم لأخذ دورهم الفعال والبناء للنهوض بتخصصهم والحصول على عمل يليق بهم وبشهاداتهم.

أخيراً، ندعو الله أن يسدد خطا قيادتنا لما فيه خير أمتنا وأن يعم الخير والازدهار على شبابنا وشعبنا العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلية العلوم الإدارية والاقتصادية