لماذا يحجم الفلسطينيون عن إجراء فحوصات صحية شاملة دورية؟


نشر بتاريخ: 26-04-2016

يحجم كثير من الفلسطينيين عن إجراء فحوصات دورية للكشف المبكر عن الأمراض الخطيرة التي لا يشعر بها المصاب إلا في مراحل متقدمة يصعب عندها السيطرة على المرض ومعالجته، ومن هنا تنبع أهمية الفحص الدوري الشامل الذي يتم من خلاله الكشف المبكر عن مسببات العديد من الأمراض الخطرة التي تؤدي إلى الموت المفاجئ مستقبلاً، وأهمية معالجتها في مراحلها الأولى قبل تفاقم الحالة فيمسي العلاج مستحيلا.
 ونعزو هذا الإحجام إلى عدم معرفة كثير من الناس بأهمية هذا الأمر، ولكن نرى بعضاً منهم على دراية تامة بأهمية ذلك ولكنه يشكو من ضيق الوقت وضغط العمل ومتطلبات الحياة، وبعضهم من يرعبه المجهول فيخشى أن يفاجئه الأطباء بأشياء غير متوقعة تنغص عليهم حياتهم، وهناك من لا يثقون بالأطباء المحليين ولا بنتائج فحوصاتهم، وثمة فئة أخرى من الناس ليست بالقليلة تعاني الضيق المادي بسبب التكلفة المالية الكبيرة التي تحتاجها بعض الفحوصات. 
مواطن يتساءل: ما فائدة الفحوصات؟!
المواطن محمد عفانة، المصاب بمرض في القلب، يقول: "أجريت فحوصات شاملة بعد أن شعرت بضيق في التنفس وبثقل على الصدر، وكانت النتيجة جيدة حسب تأكيدات الأطباء، وفي اليوم نفسه، بينما كنت أسير برفقة أحد أصدقائي، شعرت بوخزة شديدة في صدري، تبعها ضيق شديد في التنفس، حينئذ جثوت ولم أبرح مكاني".
يتابع: "لم يكن باستطاعتي أن أفعل شيئاً، واتصل صديقي بسيارة إسعاف تقلني إلى أقرب مشفى، وبعد الفحوصات والتخطيطات أفادني الطبيب المتخصص بأن لا شيء يدعو للقلق، وأن الأمور على ما يرام وبإمكاني المغادرة".
يضيف: "بعد مغادرتي المشفى ووصولي إلى منزلي شعرت بنوبة أخرى شديدة افقدتني وعيي، وعندما أفقت وجدت نفسي في مشفى آخر غير الذي كنت فيه، وأبلغني الأطباء المختصون بأن وضعي الصحي صعب، وأنني بحاجة ماسة إلى تدخل جراحي، فخضعت لعملية جراحية، وأنا الآن بحالة صحية أفضل بكثير مما كنت فيه".
ويتساءل عفانة: أشرفتُ على الهلاك ولم يكتشفوا أنني مريض، فما فائدة الفحوصات الدورية إذاً؟!
يقول: "عليكم أن تعذروني، فأنا اليوم لا أثق كثيراً بنتائج الكشف الصحي ولا بالقائمين عليه في بلدنا، أجل، هذا ما لمسته بنفسي".
"أنا بخير...فلماذا أبحث عن الأمراض؟!"
   يعبّر الشاب عماد نصار عن رأيه قائلاً: إذا كنت بخير وبصحة جيدة، فلماذا أخضع إلى فحوصات وأبحث عن أمراض تنغص عليّ عيشتي، ثم أدخل في متاهات بالتنقل بين هذا الطبيب وذاك؟
ويكمل: "كل واحد من هؤلاء له رأيه، وسأدخل في دائرة لا أعرف لها بداية من نهاية، لذلك أفضل أن أعالج نفسي بنفسي، ومن ثم أكون قد وفرت نفقة كل فحص"، معقباً (اليوم ما في شيء ببلاش والوضع المادي صعب جداً).
وتضيف الطالبة وفاء الجديلي: "جرت العادة في أن من يخضع إلى هذا الإجراء (الفحص الدوري) هم كبار السن، نظراً لخور أجسامهم وضعف مناعتهم، أما الشباب فلا يكترثون، ويرون أنهم ليسوا بحاجة إليه، فهم بصحة جيدة. وستجد هناك من يدرك أهمية هذا الإجراء، ولكنهم يعزفون عنه متذرعين بضيق أوقاتهم وانشغالهم بأمور حياتهم أو بمسؤولياتهم البيتية وغيرها، لذا أقترح أن يكون الفحص الدوري إجبارياً، لأننا في طبيعتنا اعتدنا أن نهمل بحق أنفسنا".
درهم وقاية خبر من قنطار علاج
  تقول الدكتورة الصيدلانية غادة خالد النجار: "عرفنا أن (درهم وقاية خير من قنطار علاج)، ولكننا لا نعمل بهذه الحكمة، وكثيراً ما نسمع عن شخص ما أصيب بجلطة دماغية أو ذبحة صدرية، أو بمرض خبيث في رئتيه أو معدته اكتشف في مراحل متأخرة، وسبب الإحجام عن الفحص الصحي الدوري يعود إلى أن كثيراً من الناس يعتقدون أن الكشف الدوري لكبار السن فقط، وهذا اعتقاد خاطئ، لأن الفحص والتحاليل الطبية تختلف حسب المرحلة العمرية، فالفحوصات والتحاليل التي تجرى للشباب دون الأربعين تختلف عن تلك التي تجرى لكبار السن بعد الخامسة والستين. 
   وأكد د. محسن أبو أسد (اختصاصي النساء والولادة بمشفى شهداء الأقصى) أهمية الفحوصات الدورية للإناث عامة وللمرأة الحامل خاصة، وذلك بعد انتشار الأمراض الخبيثة، وفي مقدمتها "سرطان الرحم" وهو من أخطر الأمراض التي تصيب الجهاز التناسلي لدى المرأة، يليه "سرطان عنق الرحم" وهو من الأمراض الفتاكة التي تهدد صحة المرأة وسلامتها. ومن هنا تأتي أهمية الكشف المخبري الدوري، لافتاً إلى أن سبب عدم اهتمام كثير من الناس بإجراء فحوصات دورية يعود إلى جهلهم بأهميتها وجهلهم بفوائدها المتمثلة بالكشف عن الأمراض الخبيثة أو غيرها، وتدارك معالجتها.  
 ودعا د. أبو أسد الجهات المختصة، سواء في المدارس أو الجامعات أو المستشفيات، إلى نشر هذا الوعي، مطالباً الإعلام بـأن يأخذ على عاتقه مهمة تكثيف الجهود من الناحية التوعوية حتى يدرك الجميع أهمية الصحة وأهمية الكشف الصحي.