"القدس المفتوحة" تشارك في اجتماعات اللجنة المركزية للمنظمة العربية للتربية في القاهرة


نشر بتاريخ: 07-04-2019

شاركت جامعة القدس المفتوحة في اجتماعات اللجنة المركزية للمنظمة العربية للتربية في القاهرة يومي 23-24/3/2019، وذلك بحضور (18) دولة عربية أعضاء في المنظمة، ومشاركة وفود من (4) دول أجنبية صديقة بدعوة من اتحاد نقابات العاملين في التعليم والبحث العلمي في جمهورية مصر العربية. 
ومثل الجامعة د. شبلي السويطي ضمن وفد من الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين– بيت الشعب ممثلاً بالأمين العام الدكتور وائل نظيف، وعضوية رئيس نقابة العاملين في التعليم في محافظة أريحا والأغوار أ. كايد بولص. وألقى د. السويطي محاضرة في الجلسة الافتتاحية للاجتماعات بعنوان "التعليم في مدينة القدس الشريف بين الواقع والمأمول"، ومما تجدر الإشارة إليه بأن الدكتور شبلي السويطي كان قد كلف بالإعداد لهذه المحاضرة من قبل الأمانة العامة للمنظمة في اجتماعاتها التي عقدت في شهر كانون الثاني 2017 في الخرطوم عاصمة الجمهورية السودانية، وكان صادق على هذا التكليف رئيس الجامعة أ. د. يونس عمرو.
وتطرق السويطي في محاضرته إلى واقع التعليم في مدينة القدس بمقوماته الرئيسة "المعلم والمتعلم والمنهاج الدراسي" ضمن التسلسل التاريخي والحقب التي واكبت التحولات السياسية والسلطات التي توالت على حكم المدينة المقدسة، مع تسليط الضوء على حقبة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية منذ العام 1967، مروراً بدخول السلطة الوطنية الفلسطينية لأجزاء من أرض الوطن بموجب اتفاقيات أوسلو، واستثناء سيطرة السلطة الفلسطينية على المدينة المقدسة نظراً لتأجيل البت بتقرير مصيرها، وكان من المفترض البت بمصيرها ضمن مباحثات الوضع النهائي لهذه الاتفاقيات، وتنكر إسرائيل لما وقعت عليه وبقاء القدس تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي. 
وقد تم تسليط الضوء في المحاضرة على الجهات المشرفة على قطاع التعليم وتعددها نتيجة للاحتلال، وتعدد المرجعيات المشرفة على قطاع التعليم في المدينة، ما تسبب في مجموعة من الإشكاليات التي رافقت هذا التعدد، خاصة في أسلوب ونوعية التعليم، واختلاف أيام العطل الأسبوعية والمناسبات الوطنية والأعياد، إضافة إلى تعدد الأنظمة والقوانين واللوائح الناظمة للعملية التعليمية، وضعف التنسيق والتكامل والتشبيك بين مكونات هذا القطاع، وسعي أذرع الاحتلال بفرض المنهاج الإسرائيلي في مدارس القدس لتزوير التاريخ وسرقة التراث بما يتلاءم مع الرواية التاريخية الإسرائيلية المزورة والمحرفة وما تروجه من أفكار صهيونية وتهويدية، وطمس الرواية التاريخية العربية والإسلامية حول المدينة المقدسة من خلال منهج بعيد كل البعد عن قيمنا وديننا وتاريخنا وحضارتنا، بهدف تغريب الأجيال الواعدة عن قيمها وانتمائها لمجتمعها ووطنها وامتدادها العربي والإسلامي، لتذويب المجتمع المقدسي وصهره في المجتمع الإسرائيلي وفصله عن محيطه وامتداده وطمس هويته، لإدراك سلطات الاحتلال من خلال وزارة المعارف وبلدية الاحتلال بدور التربية والتعليم بمناهجها الوطنية في مسيرة النضال والمقاومة والصمود والتصدي للاحتلال، والوقفة الجامعة والموحدة من قبل المقدسيين برفضه ومقاومته.
وتم تسليط الضوء كذلك على التحريض في المناهج الإسرائيلية التي تدعو وتحث على الكراهية وتقديمها للإنسان العربي والمسلم على أنه إرهابي ومخلوق مشوه بصورة منفرة ليكون في عيون الأجيال اليهودية الناشئة مثيراً للكراهية والاحتقار والاشمئزاز، وكذلك دور المنهاج الصهيوني بتغذية وتشجيع العنف، حيث يربط المنهاج الإسرائيلي قتل الآخر بالنصوص التوراتية والدينية، وتعتبر المناهج الصهيونية قتل الآخر بأنه نوع من أنواع العبادة حسب فتاوى كبار حاخاماتهم.
وأشار كذلك إلى نسبة التسرب العالية في قطاع التعليم في مدينة القدس، التي بلغت أكثر من (13%) مقارنة مع نسبة التسرب لدى الطلبة اليهود التي لم تتجاوز (1%)، ووصول هذه النسبة في المرحلة الثانوية في المدارس العربية في القدس إلى حوالي (50%) نظراً للوضع الاقتصادي الصعب للمقدسيين واضطرار الطلبة للتسرب لسوق العمل الإسرائيلية كأيد عاملة رخيصة وغير مدربة، وتغاضي الجهات الرسمية الإسرائيلية عن طرح البرامج الخاصة للحد من التسرب في المدارس العربية كما تطبقها للطلبة اليهود في مدارس القدس.
وكان جدار الفصل العنصري قد أثر على العملية التعليمية في مدينة القدس، الذي عزل الطلبة والمعلمين عن الالتحاق بمدارسهم داخل جدار الفصل العنصري والبوابات والحواجز العسكرية التي تعيق الطلبة عن الالتحاق بمدارسهم، والاكتظاظ الشديد على هذه المعابر، والمعاملة القاسية للطلبة والمعلمين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على هذه البوابات والحواجز العسكرية، وارتقاء العديد من الشهداء والجرحى والمعتقلين من الطلبة والمعلمين عليها، واستهداف المدارس في مدينة القدس بالاقتحامات المستمرة والممنهجة من قبل الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود والقوات الخاصة، واستخدام الغازات السامة والمسيلة للدموع وقنابل الصوت والرصاص الحي والمطاطي واستخدام الكلاب البوليسية في ملاحقة الطلبة والمعلمين داخل مدارسهم في تحد سافر لكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي تدعو لتقديم الحماية للمدنيين الرازحين تحت الاحتلال.
وتم التطرق كذلك لما يسمى "بمدارس المقاولات" التي أوجدتها أذرع الاحتلال في المدينة المقدسة التي تعد مشاريع استثمارية خاصة تعترف بها سلطات الاحتلال وترخصها وتمولها حسب عدد الطلبة فيها دون مراعاة الحد الأدنى من المعايير والأسس الواجب توفرها في العملية التعليمية وجودتها، وذلك لإخفاء عجزها كجهة احتلال من القيام بمسؤولياتها للشعب الرازح تحت الاحتلال في مدينة القدس حسب القانون الدولي، وتتصدر هذه المدارس نسبة التسرب في مدارس القدس وضعف التحصيل الدراسي للطلبة فيها وفي مخرجاتها، والتي لا تلبي الحد الأدنى مما هو مطلوب للعملية التعليمية.
وسلط السويطي الضوء كذلك على مجموعة من المعيقات التي تعترض قطاع التعليم في مدينة القدس، أهمها الاحتلال للمدينة المقدسة، والمخططات المستمرة لأسرلة وتهويد المدينة المقدسة بكافة قطاعاتها، وخطته الاستراتيجية 2017-2022 الهادفة إلى إحكام السيطرة على (90%) من قطاع التعليم في المدينة المقدسة حتى نهاية هذه الخطة مع التركيز على البلدة القديمة، واستصداره لقانون الترخيص لمدارس القدس، ومن ثم تدخله في القانون المتعلق بتمويل هذه المدارس وإدارتها، ومحدودية السيطرة الرسمية الفلسطينية على مدينة القدس نتيجة تكبيلها باتفاقيات أوسلو وتبعاتها، والدور الذي يقوم به اتحاد لجان أولياء أمور الطلاب في مدارس القدس بالتعاون مع مديرية التعلم في القدس والأهالي والطلبة بالمحافظة على تطبيق المنهاج الفلسطيني وتطبيق الأنظمة والقوانين الرسمية الفلسطينية في المدارس التابعة للأوقاف والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومطالبة الاتحاد المستمرة بضرورة قيام وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بسد الفجوة القائمة من خلال دعم مدارس القدس وتحسين وضعها وبنيتها التحتية وخاصة تحسين رواتب المعلمين في مدارس الأوقاف والقطاع الأهلي والخاص ومساواتها مع رواتب المعلمين في مدارس البلدية والمعارف.
وتم تسليط الضوء كذلك على العجز في الغرف الصفية الذي بلغ حتى العام الدراسي 2017-2018 أكثر من (2200) صف دراسي، حيث إن أغلب مدارس القدس تقع في بنايات سكنية مستأجرة وقديمة لا ترقى للحد الأدنى من متطلبات العملية التعليمية وجودة التعليم فيها، حيث تضطر المدارس في القدس لسد العجز في الغرف الصفية فيها باستخدام الكرفانات والحاويات والمخازن وحتى بيوت الدرج واستخدامها كصفوف دراسية، إضافة إلى الاكتظاظ والارتفاع الكبير في الكثافة الصفية التي بلغت في المدارس العربية في القدس (0.5 - 0.9) بينما النسبة العالمية تبلغ (1.25 - 1.50).
وطرح السويطي في نهاية محاضرته بعض المقترحات والتوصيات، أهمها حث الحكومات العربية والإسلامية على ضرورة الوقوف عند مسؤولياتها القومية والدينة والأخلاقية من خلال تقديم الدعم للمدينة المقدسة بشكل خاص وفلسطين بشكل عام بالتركيز على قطاع التعليم، وضرورة شمول مناهج التدريس في قطاعات التعليم في الدول العربية لمقررات عن القدس وتاريخها وواقعها تحت الاحتلال لتبقى قضية القدس وفلسطين راسخة في وجدان وأحاسيس الطلبة العرب بشكل خاص والأمتين العربية والإسلامية بشكل عام، والعمل على توقيع اتفاقيات التوأمة بين العواصم والمدن العربية ومدينة القدس وقطاعات التعليم فيها، وتوقيع بروتوكولات التعاون والتشبيك وتبادل الخبرات والوفود بين قطاع التعليم في المدينة المقدسة وقطاعات التعليم في العواصم والمدن العربية، وتقديم ما هو متاح وممكن من خلال إنشاء الوقفيات في المدن العربية يرصد ريعها لدعم مشاريع التعليم وغيرها في المدينة المقدسة لتساهم بتشغيل الأيدي العاملة ودعم الاقتصاد المقدسي للتخفيف من نسب البطالة والفقر المرتفعة في القدس، وتنظيم البرامج الإذاعية والتلفزيونية المشتركة حول القدس وفلسطين بالتركيز على قطاع التعليم فيها ضمن خطاب إعلامي عربي وإسلامي متقدم يبرز المكانة العقدية والتاريخية والروحية للمدينة كثالث مكان مقدس للمسلمين بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومكانتها الدينية كذلك للمسيحيين حول العالم.
وعرض السويطي خلال المحاضرة مجموعة من الصور والأفلام المعبرة عن الواقع الصعب للتعليم في مدينة القدس والمعيقات الاحتلالية الهادفة إلى محاصرة هذا القطاع الحيوي والمهم والتي لاقت اهتمام وتفاعل الوفود، وقد استمرت المحاضرة ساعتين كاملتين تبعتهما ساعة من النقاش.