معايير اختيار شريك الحياة


نشر بتاريخ: 17-02-2019

د. منى الشيشنية *
 
   يعد اختيار شريك الحياة الخطوة الأكثر أهمية لتكوين الأسرة، ومحدداً مهماً لسعادتها واستمرار كيانها الاجتماعي. وتعكس معايير اختيار شريك الحياة التأثر بالظروف المحيطة على اختلافها، سواء الاجتماعية منها، أم الاقتصادية، أو ما يرتبط بالجوانب النفسية، أو بالرغبات الشخصية، أو بمعايير المجتمع. ويعد الاهتمام بدراسة التوافق الزواجي اتجاهاً عالمياً حديثاً، وجاء مع ظهور كثير من التغيرات الاجتماعية التي ظهرت في المجتمعات المعاصرة والتي أخذت تتزايد لأسباب التنمية والتحديث، وعلى اعتبار أن التوافق الزواجي ركيزة أساسية في نماء الأسرة واستمرارها واستقرار أفرادها.
وبالنظر إلى اختيار شريك الحياة، فإنه يعد واحداً من أهم الأمور في حياة الفرد، فهو الذي يقرر من يتزوج، ومتى، وما هي المعايير والمواصفات التي يختار في ضوئها شريك الحياة. وقد يضع الأفراد) الذكور والإناث) عدداً من المعايير لاختيار زوج المستقبل، ومن أبرز هذه المعايير: المعيار الشكلي، والمعيار المادي، والمعيار النفسي، والمعيار الاجتماعي، والمعيار الديني، والمعيار الفكري الثقافي.
ومن الضروري في حياة كل فرد منا، وتفادياً لوقوع كثير من المشكلات في الحياة الزوجية، أن تحسن في الاختيار، فاختيار شريك الحياة كأول خطوة في مرحلة الإعداد للحياة الزوجية يعد من أهم وأخطر القرارات في حياة الرجل والمرأة، بل هو المرحلة الحاسمة لسلامة الزواج واستمراره وسعادته، أو تعثره وانقطاعه وشقائه، ويعد أكثر العوامل أهمية في مرحلة الإعداد للحياة الزوجية لما له من تأثير في تحقيق التوافق والانسجام بين الزوجين.
ونحن الآن نعيش تحوُّلاً كبيراً نظراً للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وبعد أن كانت عملية اختيار شريك الحياة قديماً مهمة تقع على عاتق الأم أو النساء بوجه عام، ولا يكاد المقبل على الزواج، سواء أكان شابة أم شابة، يكون له أو لها دورٌ في اختيار أو تقرير من يكون شريكه.. أما الآن فقد أصبحت هذه مهمة يقوم بها الشاب والشابة باجتهادهما دون لجوء في كثير من الأحيان إلى استشارة أهلهما والاستعانة بهما، يرجون بذلك تحقيق أكبر قدرٍ من التوافق في حياتهما المستقبلية.
معايير اختيار شريك الحياة:
تتأثر عملية اختيار شريك الحياة بمجموعة من المعايير والصفات التي تميز الشخص، وتجعل المقبلين أو الراغبين في الزواج أو أسرهم يبحثون عن هذه المواصفات لكي يحددوا الموقف من الاختيار.
معايير اختيار شريك الحياة:
أولاً: اختيار الزوجة:
- الخلق والتدين.
- الجمال وحُسن المظهر.
- الحسب والنسب.
- المال، والوعي، والنظافة.
أما أساليب اختيار شريك الحياة فلها طرق عدة، وهي:
- الاختيار عن طريق الأهل والأقارب.
- الاختيار عن طريق المعرفة الشخصية.
- الاختيار عن طريق الأصدقاء.
- الاختيار عن طريق زملاء العمل.
- الاختيار عن طريق الإنترنت.
اختيار الزوج: إن اختيار الفتاة يتمثل في القبول أو الرفض لمن يتقدم إليها وفق معايير وضعتها مسبقاً في مخيلتها، أو وفق معايير طرأت عليها حين سمعت عن الخاطب، أو رأته وشكلت عنه تصوراً مُرضياً لطموحها كزوج، غير أن بعض العائلات لا تمكن المرأة من القيام بهذا الدور، وفي ذلك انتهاك صريح لحقوق المرأة في الإسلام الذي يؤكد أهمية قبول المرأة للنكاح وعدّه شرطًا من شروط صحة العقد.
التوافق الزواجي:
   يمثل التوافق الزواجي المظهر السلوكي الظاهري للشخصية، حيث تقوم الحياة الزوجية على التعاون والتضحية والقبول من قبل الزوجين. ويعرف التوافق الزواجي على أنه حالة وجدانية تشير إلى مدى تقبل العلاقة الزوجية، وتعد محصلة لطبيعة التفاعلات المتبادلة بين الزوجين في جوانب متنوعة منها: التعبير عن المشاعر الوجدانية للطرف الآخر، واحترامه هو وأسرته، والثقة فيه، ومقدار التشابه أو التقارب في القيم والأفكار والعادات، ومدى الاتفاق حول أساليب تنشئة الأطفال، وأوجه الاتفاق على ميزانية الأسرة، إضافة إلى الشعور بالإشباع الجنسي للعلاقة.
  وإذا كان الإنسان في حاجة إلى التوافق في الحياة ومجالاتها المتعددة والمختلفة، فما أحوجه إلى التوافق في مجال هو من أكثر وأهم مجالات الحياة كافة، ألا وهو الزواج، فيجعله أكثر رضا عن نفسه وعن أسرته، وذلك لأن التوافق في مجال الحياة الزوجية قد يتيح الفرصة للفرد من أجل إقامة حياة سعيدة مفعمة بالسكنية والمودة والرحمة والتفاهم.
 
ومن أهم العوامل المؤثرة في التوافق الزواجي:
الخلفية الأسرية: التوافق وسوء التوافق في الزواج يبدو وكأنه ميراث اجتماعي تملكه الأسر جيلاً بعد جيل، ذلك أن الفرد يتوافق في الزواج أكثر إذا كان والده قد عاش حياة زواجية موفقة، لأن علاقات الحب والدفء العاطفي التي عاشها أثناء الطفولة والمراهقة يميل إلى تكرارها والتمسك بها مع شريكته في الحياة الزوجية.
الطبقة الاجتماعية: الطبقة الاجتماعية الدنيا أقل الطبقات استقراراً في الزواج، وهذا يرجع إلى تدهور المستوى الاقتصادي، أما الزواج الذي يتكون من زوجين غير متماثلين من حيث الثقافة والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والديني فإنه يلزمه المزيد من الجهود بقصد إحداث التكيف. 
الخطوبة: تعد فترة الخطوبة ذات أهمية قصوى في تمهيد الطريق لنجاح الزواج، ففي هذه الفترة تزداد بها معرفة كل طرف بالطرف الآخر، وكلما كانت أطول وبصورة معقولة وخالية من التوترات والصراعات فمن المحتمل أن تستحق السعادة الزوجية.
السن عند الزواج: يتباين متوسط سن الزواج من مجتمع إلى آخر طبقاً لقدرة ذلك المجتمع على توفير فرص الحياة من عمل يرتزق منه الفرد ومسكن يأويه، أما ما يتعلق بالمجتمع بالغ الثراء فقد وجد أن حالات الزواج المبكر (21 سنة للزوج و18 للزوجة) أظهرت حالات طلاق وتوتر وسوء تفاهم.  
*عضو هيئة تدريس-فرع الوسطى.