مشروع الإدارة الأسرية أثناء الحرب


نشر بتاريخ: 17-02-2019

  


د.
أمير حرارة

تُعدّ الحرب أحد أعتى التهديدات الاجتماعية التي تواجه الأسرة الفلسطينية، وما يميز هذا التهديد أن الأسرة كنسق مهم من أنساق المجتمع سرعان ما تجد نفسها في مواجهة هذا التهديد كواقع، الأمر الذي أكسب هذا التهديد عنصر المفاجأة والمباغتة فيما يتعلق بالأسرة الفلسطينية.

حتى يومنا هذا، ومع تكرار تجربة الحرب التي مرت فيها الأسرة الفلسطينية، يكاد تعامل نسق الأسرة الفلسطينية مع الحرب يكون أقرب لردود الأفعال وللسلوكيات الارتجالية العشوائية غير المنظمة التي لا ترتقي لمستوى التخطيط الاجتماعي في الخدمة الاجتماعية، وتتعامل من منظور لحظي آني وليس منظور استراتيجي.

وهو ما جعل الأُسرة بشكل عام في مُختلف أماكن الحروب والصراعات والنزاعات عُرضة لمخاطر جمة، فتحليل محتوى الشهادات الحية ونداءات الاستغاثة التي أطلقتها الأُسر من أماكن الحروب والصراعات والنزاعات يُشير إلى أن غالبية الأسر كان العامل المشترك بينها فيما يتعلق بمحتوى الشهادات الحية ونداءات الاستغاثة متمثلاً بحاجتها إلى الماء والطعام والدواء والإسعافات الأولية والتوازن النفسي وإجراءات السلامة والوقاية، للدرجة التي وصلت حد أن فقد بعض أفراد المجتمع حياتهم نتيجة لفقدان الإشباع لإحدى هذه الحاجات.

أسباب عدة دفعت الأُسر في أماكن الحروب والنزاعات إلى أن تُصبح رهينة الحاجات سابقة الذكر، فعلى الرغم من أهمية هذه الحاجات إلا أن عنصراً مثل عنصر المفاجأة كمثال للحروب يعدّ أحد الأسباب التي جعلت من الأُسرة رهينة لهذه الحاجات، تضاف أيضاً عناصر أُخرى كأسباب، مثل غياب الوعي بأهمية الإعداد والتجهيز المُسبق للحيلولة دون الوقوع ضحية لفقدان إشباع هذه الحاجات، وعدم وجود خطة مجدولة بالوقت والمكان والإمكانيات القادرة على إشباع هذه الحاجات الإنسانية.

السؤال الذي يطرح نفسه ويجب أن تطرحه كل أسرة على نفسها، هل الأُسرة كنسق من أنساق المجتمع مُستعدة لإشباع الحاجات السابقة أثناء الحرب، أم أنها على غير ذلك؟ هل لديها خطة عمل متعلقة بالتعامل مع هذه الحاجات قبل الحرب أم أن الأمر سيكون بالنسبة للأسرة واقعاً من التخبط والعشوائية والارتجال؟

أسئلة عدة تحتاج أي أُسرة إلى أن توفر لها إجابة تَحميها من أن تكون الضحية لمجرد وجودها في أماكن الحروب والصراعات والنزاعات، فهذه الإجابة ستَكون بمثابة أسئلة مثيرة للأُسرة: ماذا عليها أن تفعل؟ كيف تتصرف في حالة كهذه؟... فأن يُدرك الفرد الخطر قبل أن يقع فيه أفضل بكثير من أن يُدركه هذا الخطر ثم يجد نفسه وقد أصبح ضحية له.

ومن هذا المُنطلق، وفي سياق الدور الرائد والفاعل والمميز الذي تؤديه جامعة القدس المفتوحة في تحقيق التنمية، جاء مشروع "الإدارة الأسرية أثناء الحرب" ليستهدف أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع، معتمداً في ذلك على ستة تخصصات علمية قوامها التَخطيط الاجتماعي (التخطيط الاجتماعي، التغذية، الصيدلة، الإسعافات الأولية، علم النفس، الدفاع المدني).

*دكتوراه فلسفة في الخدمة الاجتماعية-فرع غزة