ناصر الرجبي سجين محرر يتفوق في الدراسة والوظيفة


نشر بتاريخ: 06-01-2018

      لم يسمح الطالب ناصر الرجبي، ، ذلك الأسير المحرر، للسجن ومرور السنوات أن يردعاه عن الالتحاق بفرع جامعة القدس المفتوحة بالخليل والتفوق في تخصصه؛ فقد كافح من ؟أجل الحصول على البكالوريوس بعمر الأربعين، وبمعدل تراكمي (92.84%).
يروي ناصر قصة شوقه للعلم فيقول: "تزامنت سنيّ شبابي مع ذروة نشاط الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى، انتفاضة الحجارة، التي انطلقت عام 1987م، وكأيّ فلسطينيّ غيور على وطنه، نشطت في أحداثها واعتقلت للمرة الأولى عام 1991م ولَم أكن بلغت السّادسةَ عشرةَ من عمري بعد. ثمّ كانت المرّة الثانية عام 1993م، التي أمضيت فيها خمسة عشر شهرًا في الأسر، وحرمت حينذاك من تقديم امتحانات الثّانوية العامة التي ما انفك طيفها يراودني، ولما عزمت على تقديمها اعتقلت للمرّة الثالثة في العام 1996م، حينها أذنت مشيئة الله تعالى أن أقدّم امتحانات الثّانويّة العامة، ونجحت لله الحمد.
وعلى الرّغم من قسوة السّجن وظلمه وقهره، يبين الرجبي أنه خلال فترات اعتقاله المتعاقبة تعلّم كثيرًا، يقول: "كنت أجالس العلماء والأدباء والأساتذة والمعلّمين، فنهلت من علمهم، وكانوا يحثّونني على إكمال مسيرتي التعليميّة بعد خروجي من السّجن".
 
 
        الزواج وتعليم الزوجة أولاً 
 
يتابع الرجبي: "خرجت من السجن، ثم تزوجت فتاة كانت أكملت مرحلة الثانوية حديثًا، فآثرتها على نفسي حتى تكمل تعليمها، وذلك بسبب الوضع الاقتصادي الذي يحول دون تعليمنا معًا، فقدمت ما استطعت لمساعدتها ووفرت لها الجو المناسب للدراسة إلى أن تخرجتْ، ولمّا حازة وظيفتها سألتني: لمَ لم تكمل دراستك الجامعية؟ حينئذ أصابتني رعشة غريبة كأن طيفًا ضائعًا يحوم من حولي، ومر هاجس يسألني: كيف يكون ذلك وقد قاربت على الأربعين؟ أجل، الالتحاق بفرع جامعة القدس المفتوحة بالخليل هو الإجابة، بدأت رحلتي غرة عام 2014م متخصصًا في اللغة العربية وأساليب تدريسها، فطالما شغفتني دراستها!"
 
ما بين العمل والدراسة ووجود زوجة معينة ومحفزة ومرشدة، استحال الصعب سهلاً، ومع وجود هيئة تدريسية رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى تجاوزت تلك المسيرة على أتم وجه وأكمله، ثم حصلت على المركز الأول على مستوى الجامعة في مشروع تخرجي الذي حمل عنوان (سيميائية الرفض والتمرد في لاميّة الشنفرى)، واخترته مازجًا فيه بين الحداثة والقدم بإسقاط علم "السيمياء" (علم الدلالة) على نص شعري جاهلي (لاميّة العرب للشنفرى).
ويضيف: "تقدمتُ لامتحان التوظيف في التربية والتعليم، وكانت فرحتي لا تضاهيها فرحة حين علمت أن ترتيبي الأول في الامتحان، ثم شغلت وظيفة معلم في إحدى مدارس مدينة الخليل الأساسية، وتحقّق ما كنت أرجوه، وشرعت أنقل إلى طلبتي ما تعلمته في جامعتي، وشعرت بمتعة لا توصف، إلى جانب مسؤولية أحملها على عاتقي، بأن أخلص في عملي كما كان أساتذتي في الجامعة يبرعون في خدمة طلبتهم دون اعتبار للوقت أو الدوام، فشكري وتقديري لجامعتي جامعة القدس المفتوحة التي أتاحت لي الفرصة في إكمال تعليمي وتحقيق ما كنت أطمح إليه".